مقتطفات من الرواية :
في غفلة مني و من جميع الناس من حولي، اختطفي الطول فجأة، و طوّح بي نحو المجهول.. في كل نهار و ليلة ، أنمو باضطراد ملحوظ، حتى بززت أقراني طولا، و أصبحت لا أعرف إلا به بين الناس، فينادونني "أبو يعزا الطويل".. من بعيد، أبدو كنخلة سامقة تتطلع بافتتان نحو زرقة السماء مترامية الأطراف، و يفعل هبّات الريح المتوالية، يتمايل سعفها ذات اليمين و ذات الشمال، فلا يزيد النخلة غير خيلاء بالذات، و كلما لفحتها حرارة الشمس تضاعفت سخونة رأسها، فتأبى إلاّ أن ترّد على ذلك بمزيد من الامتداد نحو أعلى.. متضامنا، حاولت أن أمضي في طريقي بداية الأمر، خجولا كنت إلى حدود قصوى، يربكني هذا الانخطاف المتواصل نحو الأعلى، لكنني ما لبثت أن إعتدت الأمر و تجاهلته إلي حين.. كان والدي ينظر إليّ بكثير من الفخر و هو يراني أزداد طولا، و كأنّ نفسه تحدّثه قائلة: ها هو مساعد جديد يضاف إلى ساعدي الذي ما فتئ الوهن يتسرب إليه .. و حتما سيساعدني على صروف الزمان التي تزداد يوما بعد يوم شدّة و قسوة..
أمي من جانبها، كانت تختلس إليّ النظر حييّة مبتسمة، بيد أنّها لا تكاد تنطق حرفا، إنّها امرأة يكبلها الحياء حتى تجاه أقرب الناس إليها، فلا تكاد ترفع عينيها حتى إلى وجه زوجها/أبي، أو إلى وجه ابنها/ أنا، الذي لم يزدني التقدم في العمر سوى انكفاء عن الذات..
حركات أمي تستهويني كذلك، أتطلع إليها بفضول و هي تغريل الطحين و هي تعجنه،ثم وهي تحمله إلى الفرن الطيني في حوش البيت كي تخبزه. كانت هذه الأمور الصغيرة تستغرق حياة أمي بشكل مثير،و أنا كذلك استغرقتني بكثير من الهوس،
بيانات الرواية :
اسم الراية : الاطلسي التائه
المؤلف : مصطفى لغتيري
الناشر : دار الآدب
عدد الصفحات : 210
رابط تحميل مباشر - جوجل درايف قراءة اونلاين
طريقة التحميل
أشترك بقائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب و الروايات
في غفلة مني و من جميع الناس من حولي، اختطفي الطول فجأة، و طوّح بي نحو المجهول.. في كل نهار و ليلة ، أنمو باضطراد ملحوظ، حتى بززت أقراني طولا، و أصبحت لا أعرف إلا به بين الناس، فينادونني "أبو يعزا الطويل".. من بعيد، أبدو كنخلة سامقة تتطلع بافتتان نحو زرقة السماء مترامية الأطراف، و يفعل هبّات الريح المتوالية، يتمايل سعفها ذات اليمين و ذات الشمال، فلا يزيد النخلة غير خيلاء بالذات، و كلما لفحتها حرارة الشمس تضاعفت سخونة رأسها، فتأبى إلاّ أن ترّد على ذلك بمزيد من الامتداد نحو أعلى.. متضامنا، حاولت أن أمضي في طريقي بداية الأمر، خجولا كنت إلى حدود قصوى، يربكني هذا الانخطاف المتواصل نحو الأعلى، لكنني ما لبثت أن إعتدت الأمر و تجاهلته إلي حين.. كان والدي ينظر إليّ بكثير من الفخر و هو يراني أزداد طولا، و كأنّ نفسه تحدّثه قائلة: ها هو مساعد جديد يضاف إلى ساعدي الذي ما فتئ الوهن يتسرب إليه .. و حتما سيساعدني على صروف الزمان التي تزداد يوما بعد يوم شدّة و قسوة.. أمي من جانبها، كانت تختلس إليّ النظر حييّة مبتسمة، بيد أنّها لا تكاد تنطق حرفا، إنّها امرأة يكبلها الحياء حتى تجاه أقرب الناس إليها، فلا تكاد ترفع عينيها حتى إلى وجه زوجها/أبي، أو إلى وجه ابنها/ أنا، الذي لم يزدني التقدم في العمر سوى انكفاء عن الذات..
حركات أمي تستهويني كذلك، أتطلع إليها بفضول و هي تغريل الطحين و هي تعجنه،ثم وهي تحمله إلى الفرن الطيني في حوش البيت كي تخبزه. كانت هذه الأمور الصغيرة تستغرق حياة أمي بشكل مثير،و أنا كذلك استغرقتني بكثير من الهوس،
بيانات الرواية :
اسم الراية : الاطلسي التائه
المؤلف : مصطفى لغتيري
الناشر : دار الآدب
عدد الصفحات : 210
روابط تحميل رواية الاطلسي التائه
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
طريقة التحميل
أشترك بقائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب و الروايات
Comments
Post a Comment