مقدمة الرواية :
ملكة الحرية أخذ الريش ينمو على ساعدي اللذين أصبحا فيما بعد جناحي كان في البدء زغباً ناعما، ثم نمت الأرياش العصفورية الصغيرة البيضاء الرمادية بكثافة مذهلة، وهي تطول وتقوى، مكونة جناحين ضخمين، لهما ألوان زاهية قوية.
كان صوته يأتيني مكثفا من عمق لأسبر أغواره: ركزي، ركزي، ركزي، ركزي، ركزي.
راقدة كنت على لحاف من الأخشاب الرطبة، مفترشة أرض المحراب بغير وسادة، رجلاي ممدودتان، مستقيمتان، يداي موضوعتان في تواز مع جسدي, أنا أرتدي ملابس القطن الدافئة ...
كنت عارياً تماماً، كالشمس في ظهيرة ذلك اليوم...
- ركزي ... ركزي ... ركزي.
ثم أضاف الصوت العميق السهل الساحر: أفرغي العظام...
خففي وزنها حتى تصير كعظام الحدأة، خفيفة كالريح, تصير ريحاً.
الصوت المكثف العميق الواسع، يغوصُ في لب عظامي فينخرها، يتجول بين مسام
لحمى، تتبخر الشحوم والعضلات، والإرادة في الهواء، هواء المحراب المعطر يكهربنى،
الصوت السهل المنساب في دمي يسحرني.
والآن، الآن، الآن، الآن: طيري، طيري ... طيري, طيري, طيري...الطواحين
كان صوته محدداً واضحاً ولا شك في ما يعنيه, ولكن كيف؟
- حركى جناحيك بقوة نحو الأعلى.
نحو الأسفل.
نحو الأعلى.
نحو الأسفل.
نحو, نحو, اركضى.
حركى اركـ... والآن طيرى.
طيرى, طيرى.
كان صوته ملحاً واثقاً، كلما هتف في: طِيري، يخف وزنى تدريجياً، تتبخر أحزان
الجسم لحمه وشحمه، ترهف عظامه وتتحرر أجنحتي، ثقل النقل والحقيقة ثم، ثم.
بدأت العَدْو، كحدأة رشيقة انطلقت في الفضاءات، فوق، فوق، فوق الأرض.
ارتفعت فوقه، كان منتصباً بمحرابه يكرر: ركزي.
ارتفعت فوق مبنى المحراب.
فوقه قطياته الثلاث ... فوق ...
فوق دوماته الباسقات ...
فوق ...
فوق ازهاره المتوحشة العشوائية ...
فوق.
فوق الغابة كلها، فوق النهر, مزرعتنا الخضراء وأشجار عرديبها، فوق الوابور
الشفاط النائم على الشط، حلقت عالياً.
صوته السهل الواثق ينساب حلواً ولذيذاً دافئاً: ركزي، ركزي، ركزي.
حلقي يا حدأة الله الجميلة، يا زهرة النار التي بقلب الريح، حلقي.
أيتها الريح ...
حلقت عالياً إلى أن رأيت جبل المرسم الطبيعي.
بيانات الرواية :
أسم الرواية : الطواحين
أسم الكاتب : عبد العزيز بركة الساكن
الناشر : مؤسسة هنداوى للتعليم و الثقافة
عدد الصفحات : 256 صفحة
حجم الالرواية : 16 ميجا بايت
روابط تحميل رواية الطواحين
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
/>

Comments
Post a Comment