مقدمة الرواية :
حكاية مملة
(من مذكرات رجل عجوز)
يوجد في روسيا استاذ بارز هو نيقولاي ستيبانوفتش (الفلاني) وهو مستشار سري, وحامل أوسمة ولديه العديد من الاوسمة الروسية والاجنبية, حتى إنه عندما يضطر إلى حملها يلقبه الطلبة بـ "الحاجز الأيقوني" ومعارفه من أرقى الأوساط الارستقراطية.. وعلى أية حال فخلال الخمسة والعشرين أو الثلاثين عاما الأخيرة لم يوجد في روسيا ولا يوجد عالم شهير إلا يعرفه الاستاذ معرفة قريبة. أما الآن فليس هناك من يصادقه ولكن إذا تحدثنا عن الماضي فإن قائمة أصدقائة العظام تنتهى بأسماء مثل: بيروجوف, وكافيلين, والشاعر نيكراسوف الذين وهبوه أخلص وأحر صداقة وهو زميل في جميع الجامعات الروسية وفي ثلاث جامعات أجنبية. وهلم جرا وهلم جرا كل هذا وكثير غيره مما كان يمكن أن يقال يشكل ما يعرف باسمى.
واسمى هذا مشهور على نطاق واسع, ففي روسيا يعرفه كل شخص متعلم, وفي الخارج يذكرونه من فوق منصات الجامعات مقرونا بنعت: شهير وموقر. وينتمي هذا الاسم إلى عداد تلك الاسماء المحظوظة القليلة التي يعتبر سبها أو ذكرها بسوء بين الناس أو في الصحف دليلا على قلة الذوق. وهذا هو المفروض, فباسمى يرتبط أوثق ارتباط مفهوم الإنسان الشهير, السخى المواهب والمفيد بلا شك, وأنا دؤوب وذو جلد كالجمل, وهذا مهم وموهوب وهذا أهم, وفوق ذلك, وبالمناسبة فأنا مهذب, متواضع, وإنسان شريف, لم أحشر أنفي أبداً في الأدب والسياسة, ولم أبحث عن الشهرة في مجادلة الجهلاء, ولم ألق خطبا في المآدب أو على قبور رفاقي.. وعموماً فاسمى لا تشوبه أية شائبة وليس له أن يشكو من شيء إنه محظوظ.
وحامل هذا الاسم أي انا, أبدو رجلاً في الثانية والستين أصلع الرأس, بأسنان صناعية وعرة, لا برء منها وبقدر ما اسمى باهر وجميل بقدر ما انا نفسي كاب وقبيح, فرأسى ويداي ترتعش من الضعف, وعنقي كعنق إحدى بطلات تورجينيف يشبه ذراع الكونتراباص, وصدري غائر وظهري ضيق, وعندما أتحدث أو اقرأ ينحرف فمي جانباً, وعندما ابتسم يمتلئ وجهي كله بتجاعيد شيخوخة ميتة, وليس هناك أي شيء مهيب في هيئتي التعيشة, اللهم إلا عندما تنتابني العرة فيظهر على وجهي تعبير خاص لابد أنه يثير في نفس كل من ينظر إلى فكرة مهيبة قاسية: "يبدو أن هذا الرجل سيموت قريباً".
أسم الكتاب : الأعمال المختارة الروايات القصيرة (ج3)
أسم الكاتب : أنطون تشيخوف
أسم الناشر : دار الشروق
عدد الصفحات : 394 صفحة
حجم الكتاب : 5 ميجا بايت
حكاية مملة
(من مذكرات رجل عجوز)
واسمى هذا مشهور على نطاق واسع, ففي روسيا يعرفه كل شخص متعلم, وفي الخارج يذكرونه من فوق منصات الجامعات مقرونا بنعت: شهير وموقر. وينتمي هذا الاسم إلى عداد تلك الاسماء المحظوظة القليلة التي يعتبر سبها أو ذكرها بسوء بين الناس أو في الصحف دليلا على قلة الذوق. وهذا هو المفروض, فباسمى يرتبط أوثق ارتباط مفهوم الإنسان الشهير, السخى المواهب والمفيد بلا شك, وأنا دؤوب وذو جلد كالجمل, وهذا مهم وموهوب وهذا أهم, وفوق ذلك, وبالمناسبة فأنا مهذب, متواضع, وإنسان شريف, لم أحشر أنفي أبداً في الأدب والسياسة, ولم أبحث عن الشهرة في مجادلة الجهلاء, ولم ألق خطبا في المآدب أو على قبور رفاقي.. وعموماً فاسمى لا تشوبه أية شائبة وليس له أن يشكو من شيء إنه محظوظ.
وحامل هذا الاسم أي انا, أبدو رجلاً في الثانية والستين أصلع الرأس, بأسنان صناعية وعرة, لا برء منها وبقدر ما اسمى باهر وجميل بقدر ما انا نفسي كاب وقبيح, فرأسى ويداي ترتعش من الضعف, وعنقي كعنق إحدى بطلات تورجينيف يشبه ذراع الكونتراباص, وصدري غائر وظهري ضيق, وعندما أتحدث أو اقرأ ينحرف فمي جانباً, وعندما ابتسم يمتلئ وجهي كله بتجاعيد شيخوخة ميتة, وليس هناك أي شيء مهيب في هيئتي التعيشة, اللهم إلا عندما تنتابني العرة فيظهر على وجهي تعبير خاص لابد أنه يثير في نفس كل من ينظر إلى فكرة مهيبة قاسية: "يبدو أن هذا الرجل سيموت قريباً".
بيانات الرواية :
أسم الكتاب : الأعمال المختارة الروايات القصيرة (ج3)
أسم الكاتب : أنطون تشيخوف
أسم الناشر : دار الشروق
عدد الصفحات : 394 صفحة
حجم الكتاب : 5 ميجا بايت
Comments
Post a Comment