مقدمة الكتاب :
تكتشف وأنت تقرأ رواية "آخذك وأحملك بعيداً" للروائي الإيطالي نيكولو أمانيتي أنك تطيح بكل الأسماء الكبرى في السرد الإيطالي المكرس الذي اصبح من الكلاسيكيات[1], تشعر بتقدم الفصول أن برقا آخر يلف بيت اللغة وناراً أخرى تحرق خشب الحروف, وأن بلاغة فريدة لا شبيه لها تظهر كاملة أمام ناظريك, وأمانيتي واحد من جيل صادم[2], عنيف, انتهاكي, عصابي, قمامي, يهتم باللب, حارق, آكل ودموي, مربك ومغير وموقظ, مختلف ومطيح بكل المواضعات, ساهم هو وجيله في تغيير قدر الرواية الإيطالية تماماً, بدم آخر حقنوا قلب اللغة وقلب العالم, وكتبوا بعيداً عن الإيديولوجيا وعن الاسلوب, كتبوا العمق الخفي والسر المكين, بحساسية "آكلي لحوم البشر" يقول البعض إنهم إعادة إنتاج "للواقعية القذرة" أما هم فلم يكن أمر التسمية يهمهم, ما كان واضحاً لكل القراء أن جيلا رومنطيقيا عصابياً بصدد التفجر وأن روايات كبرى بصدد كتابة سيرة
"أولاد إيطاليا المحروقين" الذين استطاعوا الاحتفاظ بشبابهم الأزلي كما وصفهم اومبرتو إيكو.
شكل أمانيتي موجة لوحدة, ثم تشكلت حوله مجموعة من الكتاب استطاعوا أن يسخروا من أخلاق العبيد ومن التقليد ومن التكرار ومن النضوب والإفلاس, بمحاريث ثلاثية, لا بفؤوس, تم اختراق بركة الستينيات الراكدة, بانت الجذور المسوسة, وبدا واضحاً أن السوس, وليس الخضرة, هو حقيقة الكائن وحقيقة الأدب, تعرت لأول مرة في الأدب الإيطالي غلالة الرقي وانكشف بعمق أن الوضاعة والخسة والدونية والنهم والحقارة هي الأصل المتواري الذي حجبته سرديات إيطاليا الكبرى. ما كان بريئا انكشفت وحشياته وتراثاته الآكلة والمأكولة, وما كان مدجنا نبتت له في التو أنياب ومخالب, وما كان من قبيل المراهقات انسدل عليه باب الزمان بفمه الأدرد ولياليه الطويلة. عالم من النواحات غير المنضبطة, وعقود من المرارة, وراحات ممتدة من الغضب والعنف والانتهاك, كلها ومع بعض شكلت لقوتها وفجائيتها بديلا لكل ما كان يعتبر جوهر إيطاليا وصار جوهر إيطاليا محل صراعات جمالية وفكرية وفلسفية, لا مجال فيه لشيء نهائي, فالجوهر هو أيضاً متغير, وصناعة الجوهر أو إعادة التفكير في ما يعتبر بديهيا فيه, هي حكمة هذا الكتاب.
[1] أمثال أومبرتو إيكو ودينو بوتزاتي وإلسا مورانتي وألبرتو مورافيا ولويجي بيرانديللو وإيتالو كالفينو وكارلو إميليو غادا وإيتالو سفيفو وغيرهم ..
[2] تيتزيانو سكاربا وألدو نوفي وجوزيبي كاليتشيتي وروسانا كامبو وسيمونا فينشي وسيلفيا بالسترا.. هؤلاء شكلوا مع نيكولو أمانيتي جماعة أدبية أصدرت بيانات وسمت نفسها "جماعة آكلي لحوم البشر", ثم " جماعة الرومانطيقين المصابيين", وأطلقت عليهم عديد الأسماء الأخرى ولقد كانوا دون شك حركة تغيير حقيقي في مسار الرواية في إيطاليا.
أسم الكتاب : آخذك وأحملك بعيدا
أسم الكاتب : نيكولو أمانيتي
الناشر : مسكيليانى للنشر
عدد الصفحات : 450 صفحة
حجم الكتاب : 6 ميجا بايت
"أولاد إيطاليا المحروقين" الذين استطاعوا الاحتفاظ بشبابهم الأزلي كما وصفهم اومبرتو إيكو.
شكل أمانيتي موجة لوحدة, ثم تشكلت حوله مجموعة من الكتاب استطاعوا أن يسخروا من أخلاق العبيد ومن التقليد ومن التكرار ومن النضوب والإفلاس, بمحاريث ثلاثية, لا بفؤوس, تم اختراق بركة الستينيات الراكدة, بانت الجذور المسوسة, وبدا واضحاً أن السوس, وليس الخضرة, هو حقيقة الكائن وحقيقة الأدب, تعرت لأول مرة في الأدب الإيطالي غلالة الرقي وانكشف بعمق أن الوضاعة والخسة والدونية والنهم والحقارة هي الأصل المتواري الذي حجبته سرديات إيطاليا الكبرى. ما كان بريئا انكشفت وحشياته وتراثاته الآكلة والمأكولة, وما كان مدجنا نبتت له في التو أنياب ومخالب, وما كان من قبيل المراهقات انسدل عليه باب الزمان بفمه الأدرد ولياليه الطويلة. عالم من النواحات غير المنضبطة, وعقود من المرارة, وراحات ممتدة من الغضب والعنف والانتهاك, كلها ومع بعض شكلت لقوتها وفجائيتها بديلا لكل ما كان يعتبر جوهر إيطاليا وصار جوهر إيطاليا محل صراعات جمالية وفكرية وفلسفية, لا مجال فيه لشيء نهائي, فالجوهر هو أيضاً متغير, وصناعة الجوهر أو إعادة التفكير في ما يعتبر بديهيا فيه, هي حكمة هذا الكتاب.
[1] أمثال أومبرتو إيكو ودينو بوتزاتي وإلسا مورانتي وألبرتو مورافيا ولويجي بيرانديللو وإيتالو كالفينو وكارلو إميليو غادا وإيتالو سفيفو وغيرهم ..
[2] تيتزيانو سكاربا وألدو نوفي وجوزيبي كاليتشيتي وروسانا كامبو وسيمونا فينشي وسيلفيا بالسترا.. هؤلاء شكلوا مع نيكولو أمانيتي جماعة أدبية أصدرت بيانات وسمت نفسها "جماعة آكلي لحوم البشر", ثم " جماعة الرومانطيقين المصابيين", وأطلقت عليهم عديد الأسماء الأخرى ولقد كانوا دون شك حركة تغيير حقيقي في مسار الرواية في إيطاليا.
بيانات الكتاب :
أسم الكتاب : آخذك وأحملك بعيدا
أسم الكاتب : نيكولو أمانيتي
الناشر : مسكيليانى للنشر
عدد الصفحات : 450 صفحة
حجم الكتاب : 6 ميجا بايت
Comments
Post a Comment